بسم الله الرحمن الرحيم
( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ)
وقال النبي r: « مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ » [صحيح مسلم].
كلمة حول ما يسمى بوصية الشيخ أحمد , ( خادم الحجرة النبوية ) , وما شابهها من رسائل ورؤى ومنامات.
فإنه يظهر بين الحين والآخر نشرات وأوراق ورسائل , يكون فيها الأمر بعمل ما, ووعدٌ لمن عمل به أن يكون له كذا وكذا من الخير , ومن لم يعمل به أو لم ينشره هذه الرسالة - بأعداد محددة - , بأنه سيحصل له كذا وكذا من الشر.
ومن هذه الرسائل ما يسمى بـ : (وصية الشيخ أحمد , خادم الحجرة النبوية) , أو (وصية الحاج عبد الله بن مصطفى) , وأخيراً , (وصية السيدة عائشة) !!.
وقد سُئِل الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله – كما في مجموع فتاويه , عن مثل هذه النشرات والرسائل , يقول الشيخ: " وردتنا رسالة من معلمة بالمدرسة الثانوية الثالثة بالرياض تسأل فيها عن نشرات توزع في بعض المدارس ، ونص تلك النشرات : قال الله تعالى : بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [ سورة الزمر آية 96 ] . فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [ سورة الأعراف آية 107 ] . لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [ سورة يونس آية 64 ] يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [ سورة إبراهيم آية 27 ].
وفيها أيضاً: قم بإرسال هذه الآيات لتكون جالبة خير وحسن طالع وفلاح ، فقم بتوزيعها حول العالم تسع مرات وستجلب لك الخير والفلاح بعد أربعة أيام بإذن الله ، وليس الأمر بلهو ولعب أو لاتخاذ آيات الله الكريمة هزوا بك ، وسترى ما يصلك خلال أربعة أيام .
فعليك أن ترسل نسخاً من هذه الرسالة وقد سبق أن وصلت هذه الرسالة إلى أحد رجال الأعمال فوزعها فورا فجاءته أخبار نجاح صفقة تجارية بسبعة آلاف دينار زيادة عما كان متوقعا ، ووصلت إلى طبيب وأهملها فلقي مصرعه في حادث سيارة أدى إلى تشويهه كاملا وبقي جثة هامدة مبعثرة تحدث عنها الجميع.
وذلك لأنه أهمل توزيع الرسالة ، وفوجئ أحد المقاولين بإحالة عطاء مجز إليه ، ولكنه أهمل توزيعها فتوفي ابنه الأكبر في حادث سيارة في بلد عربي شقيق . لذا يرجى إرسال 25 نسخة وستبشر بما يصلك في اليوم الرابع . وإياك أن تهملها ، فهناك من ربح الآلاف لدى التزامه ، وأما من أهمل كان خطرا على حياته وأمواله . وفقنا الله وإياكم لتبليغ هذه الرسالة والله ولي التوفيق ].
ولما اطلعت – والكلام هنا للشيخ - على هذه الرسالة كتبتُ ما يأتي : هذه النشرة وما يترتب عليها من الفوائد بزعم من كتبها وما يترتب على إهمالها من الخطر كذب لا أساس له من الصحة ، بل هي من مفتريات الكذّابين اللّعّابين ، ولا يجوز توزيعها لا في الداخل ولا في الخارج ، بل ذلك منكر يأثم من فعله ويستحق عليه العقوبة العاجلة والآجلة.
لأن البدع شرها عظيم وعواقبها وخيمة ، وهذه النشرة على هذا الوجه من البدع المنكرة ومن الكذب على الله سبحانه وقد قال الله سبحانه : [ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ] وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق عليه ، وقال عليه الصلاة والسلام : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " رواه مسلم في صحيحه .
ويتابع الشيخ حديثه: فالواجب على جميع المسلمين الذين تقع في أيديهم أمثال هذه النشرة تمزيقها وإتلافها وتحذير الناس منها ، وقد أهملناها وأهملها غيرنا من أهل الإيمان فما رأينا إلا خيرا ، ومثلها النشرة التي ينسبونها إلى خادم الحجرة النبوية.
نسأل الله لنا وللمسلمين العافية من كل شر وحسبنا الله على من وضعها ، ونسأل الله أن يعامله بما يستحق لكذبه على الله وترويجه الكذب وإشغاله الناس بما يضرهم ولا ينفعهم ، وللنصيحة لله ولعباده جرى التنبيه على ذلك" , انتهى كلامه.
نشر في [ الدعوة ] العدد 938 في 15 \7 \1404ه .
وعن هذه الرسالة قال الشيخ الفوزان حفظه الله -: وهذه الوصية المكذوبة قديمة، وقد ظهرت في مصر منذ أكثر من ثمانين سنة، وقد دحضها أهل العلم، وزيفوها وبينوا ما فيها من الكذب والباطل؛ منهم الشيخ محمد رشيد رضا - رحمه الله - وقد قال في رده عليها : " قد أجبنا عن هذه المسألة سنة ( 1322هـ ) ، وإننا نتذكر أننا رأينا مثل هذه الوصية منذ كنا نتعلم الخط والتهجي إلى الآن مرارًا كثيرًا ، وكلها معزوة إلى رجل اسمه شيخ أحمد خادم الحجرة النبوية، والوصية مكذوبة قطعًا، لا يختلف في ذلك أحد شم رائحة العلم والدين، وإنما يصدقها البلداء من العوام الأميين " . ثم رد عليها - رحمه الله - ردًا مطولًا مفيدًا دحض فيه كل ما جاء فيها من الافتراءات.
[ المرجع: البيان بالدليل لما في نصيحة الرفاعي والبوطي من الكذب الواضح – صالح الفوزان ].
[color=black]مجلة المنار: مجلد: 7 , صفحة: 611 , س 80 ].
وقد سبق أن ظهر كثير من أمثال هذه الرؤيا:
فقد وُجِه سؤال للجنة الدائمة يقول فيه : أن الحاج عبد الله بن مصطفى قال: كنت نائمًا فرأيت الرسول صلى الله عليه وسلم أمرني أن أبلغ هذه الرسالة للمسلمين بالتعاون والإيمان , من يقرأ هذه الرسالة عليه أن يكتبها 8 مرات ومن لا يقوم بتوزيعها يعاقب بالمرض ومن يقوم بتوزيعها يفرح بعد عشرة أيام فإذا كنت أكذب أموت على دين الكفر.
هل هذا الكلام صحيح أم كذب؟
وجواب اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة هو:
أولًا: هذه الرؤيا باطلة لا أصل لها، وهي من جنس الرؤيا المنسوبة إلى خادم الحجرة النبوية، وسبق أن كتب سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز كتابة مطولة ونشرت في الصحف المحلية وغيرها.
[ فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء بالمملكة العربية السعودية , برآسة عبد العزيز بن عبد الله بن باز , فتوى رقم (8086) ].
وهذه فتوى الشيخ أبو اسحاق الحويني:
هذه الأكذوبة التي شبع العلماء التحذير منها عبارة عن ورقة تصلك في البريد أو من أحد مكتوب بها أنا الشيخ أحمد خادم الغرفة النبوية وإذا أردت أن تنجو من الموت والفقر اكتب هذه الورقة خمسين مرة ووزعها فإذا فعلت أغناك الله... وقد أخبر الشيخ ابن باز وغيره رحمهم الله أنه لم يخدم الغرفة النبوية أحد قط اسمه أحمد , وأن هذا الكلام مكذوب ولا يصح ويجب حرق مثل هذه الأوراق.
وختاماً:
يبدوا أنه ذهبت وصية الشيخ أحمد , ووصية الحاج عبد الله بن مصطفى , وظهرت وصية السيدة عائشة !!.
وتقول هذه الوصية:
( فتاة تبلغ من العمر 16 عاما مريضة جدا , عجز الأطباء عن علاجها , وفي ليلة القدر بكت الفتاة من شدة الألم , ولما نامت جائتها السيدة عائشة رضي الله عنها أيقظتها من نومها أعطتها شربة ماء ولما استيقظت الفتاة وجدت نفسها شفيت تماما ووجدت قطعة من القماش مكتوب عليها أن تنشر هذه الرسالة وتوزعها على الأقل على 12 فرد وتكتب فيها لا اله الله محمد رسول الله وصلت هذه الرسالة إلى عميد بحري ووزعها على 12 فرد فحصل على ترقية خلال 11 يوم وصلت هذه الرسالة إلى تاجر فأهملها فخسر كل ثروته خلال 12 يوم وصلت هذه الرسالة إلى عامل فوزعها فحل الله له كل مشاكله خلال 12 يوم , ووصلت هذه الرسالة إلى طالب على أبواب الامتحان فخاف ألا ينجده الله فوزعها فنجح.
أرجو منك أن توزعها على الأقل على 12 فرد لمجرد أنها تحتوى على كلمة لا اله إلا الله محمد رسول الله , في ذمتك إلى يوم القيامة دعاء سيدنا يونس عليه السلام لا اله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين.
أرسلها إلى 25 شخص وستسمع خبر حلو الليلة , أمانة فى ذمتك ليوم القيامة ).
وهذه الوصية كما هو واضح فيها , أنها من نفس المصدر التي أتت به وصية الشيخ أحمد , ووصية الحاج عبد الله بن مصطفى , وهو المنامات والرؤى , ومذهب أهل السنة أن المنامات لا يؤخذ منها أحكام شرعية , فدين الله اكتمل في اليقظة , وليس رؤيا النبي r كرؤيا غيره , فإن رؤياه وحي من عند الله تعالى وهي حق , فلا داعي أن تأتي أحكام جديدة من خلال المنامات والرؤى من خلال أناس مجهولين.
وقد نقل ابن تيمية رحمه الله في كتابه الفرقان بين أولياء الرحمان وأولياء الشيطان: " لاَ يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الرُّؤْيَا التَّعْوِيل عَلَيْهَا فِي حُكْمٍ شَرْعِيٍّ , لاِحْتِمَال الْخَطَأِ فِي التَّحَمُّل وَعَدَمِ ضَبْطِ الرَّائِي ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَدُل عَلَى أَنَّ مَا يَثْبُتُ فِي الْيَقَظَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا ثَبَتَ بِالنَّوْمِ عِنْدَ التَّعَارُضِ.
قَال الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ لِرَجُلٍ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ يَقُول لَهُ إِنَّ فِي الْمَحَل الْفُلاَنِيِّ رِكَازًا اذْهَبْ فَخُذْهُ وَلاَ خُمُسَ عَلَيْكَ فَذَهَبَ وَوَجَدَهُ وَاسْتَفْتَى ذَلِكَ الرَّجُل الْعُلَمَاءَ ، فَقَال لَهُ الْعِزُّ : أَخْرِجِ الْخُمُسَ فَإِنَّهُ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ ، وَقُصَارَى رُؤْيَتِكَ الآْحَادُ " .
[ الفرقانُ بينَ أولياءِ الرَّحمَنِ وأولياءِ الشَّيْطانِ - لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله – باب الرؤى ].
أضف إلى ذلك , أن ديننا له سمة التواتر , ولذلك امتازت أمة محمد r بالإسناد , فقال ابن سيرين: الإسناد من الدين , ولولا الإسناد لقال من شاء بما شاء , فلو كان الخبر مروي عن رسول الله r , وفي إسناده راوٍ واحد مجهول , أي غير معروف لدى المحدثين , فإن الحديث ضعيف , ولو كان بقية رواة الحديث كلهم ثقات.
فإن كان هذا هو حكم الحديث المنسوب إلى النبي r , الذي فيه راوٍ مجهول ! , فكيف بِأحلام ورُؤى من من لا يعرف حاله ولا اسمه مطلقاً !!.
كما أن فتح مثل هذا الباب , والتعاطي معه , يفتح على المسلمين شراً لا يعلمه إلا الله, وذلك بأن يأتي بعد هذه المرة أي أحد سواء كان صادق أو كاذب , مسلم أو كافر , فيقول أني رأيت في المنام كذا وينشره على الناس ويتوعدهم به , فهذا باب لا ضابط له.
ولقائل أن يقول: ولِما لا نرسلها وهي لا تحتوى إلا على كلام الله أو كلام رسول ؟.
فَيُقال له: أما محتوى الرسالة فيمكن أن نرسله دون بقية الرسالة , فلك أخى الكريم , بل وعليك من باب الدعوة إلى الله , أن ترسل الرسائل الدعوية , التي تُذَكِر فيها الناس بالله تعالى , وباليوم الآخر , وتحثهم على الخير , وتنهاهم عن الشر , ولكن دون أي وعيد ولا تهديد لمن لم يفعلها , لقوله تعالى: (وما على الرسول إلا البلاغ).
فإخباره بالجزاء العظيم الذي يترتب على كتابة هذه الوصية ونقلها من محل إلى محل أو من بلد إلى بلد وتعيين جزاء الأعمال وتحديده من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله ، وقد انقطع الوحي إلى البشر بوفاة خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام ، فادعاء العلم بذلك باطل.
وقد ادعاه الشيخ أحمد المزعوم حيث قال في الوصية المكذوبة: (ومن يكتبها ويرسلها من بلد إلى بلد ومن محل إلى محل بُنِيَ له قصر في الجنة)، وقال: (ومن يكتبها وكان فقيرًا أغناه الله، أو كان مدينًا قضى الله دينه، أو كان عليه ذنب غفر الله له ولوالديه) فهو كاذب في ذلك. وكذا إخباره من الوعيد الشديد الذي يصيب من لم يكتبها ويرسلها، وتعيينه إياه بأنه يحرم شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ويسود وجهه في الدنيا والآخرة.
وبفضل الله تعالى , أنني - شخصياً - في إحدى المرات , دخلت إلى صيدلية فوجدت صاحبها قد وضع مجموعة كبيرة من النسخ لهذه الوصية المزعومة , ولما سألت صاحب الصيدلية , قال إن فيها تهديد لمن لم يوزعها خمسين نسخة وأنه يخشى ذلك , فقلت له - متوكلاً على الله بأنه هو النافع الضار - أنا أريحك منها , وأخذتها وأتلفتها جميعاً , وقد مر على هذا العمل سنوات , فما وجدت إلا خيراً , والحمد لله رب العالمين.
وبناء على ماسبق , فإن من أحيا بدعة , أو سن سنة سيئة , عليه أن يُميتها , لئلا يكون عليه من وزرها , ووزر من عمل بها الى يوم القيامة , مصداقا لحديث النبي r« مَنْ سَنَّ فِى الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلاَ يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَىْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِى الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلاَ يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَىْءٌ ».
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
2014-10-10, 07:36 من طرف ابوعصام
