راجي الرحمات الإدارة
عدد المساهمات : 758 تاريخ التسجيل : 16/05/2011
| موضوع: هل يصح الاعتكاف في كل مسجد ؟ أم يقتصر على المساجد الثلاثة الحرام والنبوي والأقصى ؟ 2011-08-17, 20:36 | |
| هل يجوز الاعتكاف في المصليات أو المراكز الإسلامية ( يصلون فيها الصلوات الخمس و الجمعة ) أم يجوز في المساجد فقط ؟ جزاكم الله خير .
الحمد لله
لا يصح الاعتكاف إلا في المساجد ، لقول الله تعالى : (وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) سورة البقرة/187 .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
"وَوَجَدَ الدَّلَالَة مِنْ الْآيَة أَنَّهُ لَوْ صَحَّ فِي غَيْر الْمَسْجِد لَمْ يَخْتَصَّ تَحْرِيم الْمُبَاشَرَةِ بِهِ , لِأَنَّ الْجِمَاع مُنَافٍ لِلِاعْتِكَافِ بِالْإِجْمَاعِ , فَعُلِمَ مِنْ ذِكْرِ الْمَسَاجِدِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَكُون إِلَّا فِيهَا . وَنَقَلَ اِبْن الْمُنْذِر الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُبَاشَرَةِ فِي الْآيَة الْجِمَاعُ , وَرَوَى الطَّبَرِيُّ وَغَيْره مِنْ طَرِيق قَتَادَةَ فِي سَبَب نُزُولِ الْآيَةِ : كَانُوا إِذَا اِعْتَكَفُوا فَخَرَجَ رَجُلٌ لِحَاجَتِهِ فَلَقِيَ اِمْرَأَتَهُ جَامَعَهَا إِنْ شَاءَ فَنَزَلَتْ" انتهى .
وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني (3/65) :
" لَا يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ إلَّا فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ الْجَمَاعَةُ فِيهِ ؛...
وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ إذَا كَانَ الْمُعْتَكِفُ رَجُلًا . لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا , وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : ( وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) "
انتهى باختصار .
وقال النووي في "المجموع" (6/505) :
" لا يَصِحُّ الاعْتِكَافُ مِنْ الرَّجُلِ وَلا مِنْ الْمَرْأَةِ إلا فِي الْمَسْجِدِ , وَلا يَصِحُّ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَرْأَةِ وَلا مَسْجِدِ بَيْتِ الرَّجُلِ وَهُوَ الْمُعْتَزَلُ الْمُهَيَّأُ لِلصَّلاةِ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" الاعتكاف الشرعي لابد أن يكون في المساجد لقوله تعالى : (وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (8/176)
وانظر جواب السؤال رقم (48985)
وبناء على هذا ، فلا يصح الاعتكاف في المصليات أو المراكز الإسلامية .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
جواب آخر فيه فوائد مهمة:
قال الإمام الألباني في رسالته " قيام رمضان " في جزء الاعتكاف ما نصه : " ثم وقفت على حديث صحيح صريح يخصص هذه المساجد ، وهو : ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ) وأشار إلى أنه من حديث حذيفة عند الطحاوى والبيهقى والإسماعيلي ، ومن ثَمَّ هو في السلسلة الصحيحة ، فما حكم هذا الحديث ؟ وماذا يستفاد منه في بابه ؟ أي : النفي نفي تحريم أم نفي كمال ؟ وإن كان فما القرينة ؟
الحمد للَّه أولا : دل الكتاب والسنة والإجماع على استحباب الاعتكاف في المساجد . قال تعالى : ( وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) البقرة/125 وقال تعالى : ( وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) البقرة/187 ونقل الإجماع غير واحد من أهل العلم على ذلك ، انظر : "الإجماع" لابن المنذر (47) ، "المغني" (3/122) والعلماء وإن اختلفوا في صفة المسجد الذي يشرع فيه الاعتكاف ، إلا أن كل مسجد تقام فيه الجمعة والجماعة لا يكاد يختلف الفقهاء في جواز الاعتكاف فيه ، ولم تنقل المخالفة إلا عن بعض التابعين في ذلك . وقد سبق تقرير المسألة في موقعنا جواب السؤال رقم (49006) ، (48985) ثانيا : أما الحديث المذكور في السؤال ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ) فهو من حديث الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان ، جاء عنه من طريق سفيان بن عيينة عن جامع بن أبي راشد عن أبي وائل : ( قَالَ حُذَيْفَةُ لِعَبْدِ اللَّهِ يَعْنِى ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ : عَكُوفًا بَيْنَ دَارِكَ وَدَارِ أَبِى مُوسَى وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ اعْتِكَافَ فِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ قَالَ فِى الْمَسَاجِدِ الثَّلاَثَةِ . فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : لَعَلَّكَ نَسِيتَ وَحَفِظُوا وَأَخْطَأْتَ وَأَصَابُوا ) إلا أن أصحاب سفيان بن عيينة اختلفوا عليه : فمنهم من رواه عنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم ، وهم : محمد بن الفرج عند الإسماعيلي في "معجم شيوخه" (2/112) . ومحمود بن آدم المروزي عند البيهقي في "السنن" (4/316) ، وهشام بن عمار عند الطحاوي في "بيان مشكل الآثار" (7/40) ، وسعيد بن منصور ، كما في "التحقيق في أحاديث الخلاف" لابن الجوزي (2/127)
ومنهم من رواه عنه وجعله من قول حذيفة موقوفا عليه ، وهم : عبد الرزاق في "المصنف" (4/348) ، وسعيد بن عبد الرحمن ومحمد بن أبي عمر عند الفاكهي في "أخبار مكة" (2/149) .
والراجح – والله تعالى أعلم – هي الرواية الموقوفة على حذيفة ، يعني أنه قال هذا الكلام من رأيه واجتهاده ، ولم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك لما يلي : 1- ورود هذا النص من قول حذيفة رضي الله عنه من طريق أخرى ، فقد رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/337) وعبد الرزاق أيضا (4/347) من طريق سفيان الثوري عن واصل الأحدب عن إبراهيم النخعي قال : جاء حذيفة إلى عبد الله فقال : ألا أعجبك من قومك عكوف بين دارك ودار الأشعري يعني المسجد ؟! قال عبد الله : ولعلهم أصابوا وأخطأت ؟! فقال حذيفة : أما علمت أنه لا اعتكاف إلا في ثلاثة مساجد : المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وما أبالي أعتكف فيه أو في سوقكم هذه . ورواية إبراهيم النخعي عن عبد الله بن مسعود رواية مقبولة لدى أهل العلم . انظر : "جامع التحصيل" (141) ، "شرح العلل" (1/294) 2- اختلاف الروايات على حذيفة رضي الله عنه ، فقد جاء عنه من طرق أخرى أنه قال : لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة . ولم يحصره في المساجد الثلاثة فقط . يقول ابن حزم رحمه الله "المحلى" (5/195) بعد أن ذكر هذا الاختلاف : " قلنا : هذا شك من حذيفة أو ممن دونه ، ولا يقطع على رسول الله صلى الله عليه وسلم بشك ، ولو أنه عليه السلام قال : ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ) لحفظه الله تعالى ولم يدخل فيه شك ، فصح يقينا أنه عليه السلام لم يقله قط " انتهى . 3- أن أكابر الصحابة على خلافه ، فقد أفتى علي بن أبي طالب وعائشة وابن عباس بالاعتكاف في كل مسجد تقام فيه الجماعة ، ولم يثبت عن أحد من الصحابة مخالفة في ذلك ، بل كان هذا العمل مشهوراً بينهم في كل الأمصار دون نكير ، إلا ما جاء عن حذيفة رضي الله عنه والله أعلم . قاله الشيخ سليمان العلوان .
فالخلاصة أنه لا يصح رفع هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه من قول حذيفة واجتهاده ورأيه الذي خالف فيه باقي الصحابة رضوان الله عليهم ، كما خالف فيه ظاهر القرآن الكريم الذي جاء بإطلاق محل الاعتكاف فقال : ( وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) البقرة/187، ولا ينبغي مخالفة ظاهر القرآن وعمل أكثر الصحابة برواية موقوفة فيها بعض الاضطراب ، لم يروها أهل الصحاح ولا السنن ، ولم يفت بها أحد من الفقهاء المتقدمين ، وإن ذهب إليها بعض العلماء المتأخرين ، فقد أخطأ اجتهادُهم الصوابَ في هذه المسألة .
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/504) : " فكل مساجد الدنيا يُسن فيها الاعتكاف ، وليس خاصا بالمساجد الثلاث ، كما روي ذلك عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ) فإن هذا الحديث ضعيف . ويدل على ضعفه أن ابن مسعود رضي الله عنه وهَّنَه فقال : ( لعلهم أصابوا فأخطأت ، وذكروا فنسيت ) فأوهن هذا حكما ورواية . أما حكما ففي قوله : ( أصابوا فأخطأت ) وأما رواية : ( فذكروا ونسيت ) والإنسان معرَّض للنسيان . وإن صح هذا الحديث فالمراد به : لا اعتكاف تام ، أي أن المساجد الأخرى الاعتكاف فيها دون المساجد الثلاث ، كما أن الصلاة في المساجد فيها دون الصلاة في المساجد الثلاثة . ويدل على أنه عام في كل مسجد قوله تعالى : ( وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) ثم كيف يكون هذا الحكم في كتاب الله للأمة من مشارق الأرض ومغاربها ثم نقول : لا يصح إلا في المساجد الثلاثة ، فهذا بعيد أن يكون حكم مذكور على سبيل العموم للأمة الإسلامية ثم نقول إن هذه العبادة لا تصح إلا في المساجد الثلاثة " انتهى . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب | |
|